إن التحكيم التجاري هو الفصل بين نزاع قائم بين شخصين أو عدة أشخاص في الأمور التجارية المحلية أو الدولية دون اللجوء إلى أي من المحاكم المختصة في تلك البلاد، ومن خلال تلك المشكلة التي هي محل النزاع يلجأ الأطراف إلى احد المحكمين أو إلى هيئة تحكيم تم اختيارها بشكل مسبق بواسطة اطراف النزاع، حيث تقوم تلك الهيئة المنوطة بالحكم والفصل في مختلف التفاصيل المتعلقة بالمشكلة التي هي محل النزاع بين الطرفين والتي من الممكن أن تكون تابعة لعقد معين تم الاتفاق عليه بين الطرفين ويتم ذكر في صلبه شرط التحكيم، أو أن يكون النزاع قائم وناشب بالفعل بين الطرفين وهنا يسمى مشارطة التحكيم وفي هذا المقال سوف نتطرق إلى كل ما يتعلق بمظهر الإلزام في التحكيم التجاري.
ما هو مظهر الإلزام في التحكيم التجاري؟
إن المشرع لا يستمد سلطته إلا من خلال الأطراف المختصمين الذين ابرموا الاتفاق ويمتلك المشرع السلطة على وجوب تنفيذ حكم المحكمة وذلك لكي يلزم المحكم بتنفيذ الحكم والعمل على مراقبته، وتقتصر عملية الرقابة على التأكد من أن المحكم قد قام بمراعات الصورة التي يطلبها منه القانون عند كتابة الحكم أو عند الفصل في النزاع بين المختصمين، حيث أن كتابة الحكم يجب أن لا تتطرق إلى موضوع النزاع فإن اصدار الأمر بالتنفيذ من قبل القاضي هي عملية تمهيدية فقط لعمل صيغة واضحة للأمر التنفيذي المختص بالمحكمة.
يجب أن لا يتم ترك الامر بشكل كامل للقلم المختص في المحكمة حيث أن كتابة الحكم لا يعد هو الحكم الإلزامي لأحد اطراف الخصوم بأن يقوموا بتنفيذه دون صدور النص التنفيذي حيث أن القرار الحكمي لا يتعلق بأي شكل مباشر أو غير مباشر بالأمور المتعلقة بإمكانية بطلان الحكم من خلال رفع دعوة اصلية ويتم العمل بنفس الصورة في الاحكام الأجنبية حيث لا يتم تنفيذ القرار إلا من خلال صدور قرار نهائي نافذ بتنفيذها من قبل الدولة المراد التنفيذ على ارضها.
ما هي المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم؟
هناك العديد من الأمثلة التي حاول طرحها الفقه المصري والذي شابهه أيضا المشرع الإماراتي فيها في فترات قريبة، وأن يقوموا بتحديد بعض الأسباب التي من خلالها لا يمكن التحكيم فيها حيث أنها امور تم ادراجها تحت بنود غير قابلة للصلح، وتلك الأمور ليست نهائية وهي قابلة للمراجعة، حيث أنها اجتهادات فقهية وقانونية فقط وتم تحديد فقط حالتين رئيستين التي لا يمكن فيها التحكيم وهما:
المسائل المتعلقة بالحالات الشخصية: حيث يتم تقسيمها إلى قسمين الأول هو المتعلق بالأحوال الشخصية البحتة مثل الجرائم ومسائل الجنسية والمسائل الجنائية المختلفة وهذا القسم لا يمكن عمل الصلح فيه بين الاطراف المختصمة، بينما القسم الثاني هو المتعلق بأمور الأموال.
المسائل المتعلقة بالنظام العام: حيث يمكن الحكم في كافة الأنظمة المتعلقة بالأمور الغير متصلة بالنظام العام أما الأمور المتعلقة بالنظام العام فلا يمكن الحكم فيها مثل فض النزاعات من خلال استحالة التحكيم في الأمور المتعلقة بنزع ملكية فرد أو مجموعة أفراد فيما يضر بالمنفعة العامة التي تتصل بالنظام العام بشكل وثيق.
نطاق ارادة الخصوم في التحكيم:
وهي الإرادة الكاملة للخصوم في اختيار مكان وزمان التحكيم والبنود المتعلقة بنظام الاتفاق فيما بينهم ونوع الاتفاق إما ان يكون باختيار القضاء في ما بينهم أو الاتفاق من خلال اختيار الصلح، ويتم من خلال ذلك النطاق اختيار الأشخاص المحكمين في تلك القضايا والسلطات الموكلة لهم في عملية فض النزاع.